منذ انهيار دولة الصومال فى أوائل التسعينات وتشرذم البلد الى ولايات ورقع تبسط فيهاكل قبيلة هيمنتها على المواقع التى تقطنها غالبية المنتمين اليها، واندثار الحكومة المركزية فى مقديشو ومن ثم اندلاع الحروب الأهلية وانتشار المجاعة والقحط ( باستثناء الإقليم الشمالي والذى أعلن انسحابه عن الوحدة التى كانت الأساس فى قيام دولة الصومال فى عام ١٩٦٠ بعد اتحاد الشطرين عقب استقلال كل جزء من مستعمريه الانجليزي فى الشمال والايطالي فى الجنوب. فأعلن الشمال الانفصال وسمى نفسه بجمهورية ارض الصومال. وقد تمكن من انشاء دولة ذات موسسات شرعية واستتب لها الأمن وتم تناوب الحكم فيها بعد اجراء عدة انتخابات حرة ونزيهة على اغلب المعايير الدولية).
ومنذ ذلك الوضع وبالتحديد من عام ١٩٩١ دخلت مقديشو فى دوامة حرب أهلية اعادت البلد الى ما قبل العصر الحجرى من خراب ودمار.
وكانت دولة الإمارات المتحدة من أوائل من هبوا لنصرة هذا البلد المنكوب والشقيق المعوز بشتى السبل والوسائل للنهوض بهم من جديد. ففتحت المجال للصوماليين للدخول الى الإمارات، ويسرت لهم سبل التجارة والصادرات الى وطنهم لانعاش اقتصادهم المحلى ورفع مستواهم المعيشى. وبالفعل استفاد الصوماليون من هذه الفرصة وتمكنوا من انشاء تجارة رائجة وانبثق من بينهم التجار ذوو الثروات الهائلة .ولذا كانت الامارات ولا زالت الرئة التى يتنفس منها الصوماليون والنافذة التى يتطلعون من قبلها التعايش مع العالم الخارجى. الى جانب ذلك حرصت الامارات على إرسالها دوما المساعدات اللامتناهية الى الشعب والوطن الصومالى كلما دعت الضرورة.ولعل الحملة الاخيرة بعنوان (لأجل الصومال) والتى استطاع من خلالها المشرفون عليها جمع اكثر من ٧٠مليو ن دولار لتخفيف معاناة الجفاف والقحط الذى حل على الصومال قبل عامين لخير دليل فى يد الشقيق المعطاء الى أخيه الصومالي المحتاج.
وبعد بروز الآونة الاخيرة ملامح التعافى من اثار الحروب الأهلية ولملمة الصوماليين فى بناء دولة جديدة اخرى وطى صفحة الماضى، لم تال الامارات جهدا فى مساعدة بناء موسسات الدولة وذلك من خلال تقديمها كافة المستلزمات فى الاصعدة المختلفة سواء كان ذلك فى تأسيس وحدات الشرطة والجيش اوتشغيل بعض مصادر الدخل للدولة فى مناطق مختلفة. وكل ذلك حتى يتمكن للحكومة المركزية الضعيفة فى مقديشو من بسط سيطرتها وتمددها على بقية أنحاء الوطن والتخلص من القوات الافريقية والأجنبية المنتشرة حاليا فى جميع الاراضي الصومالية.
الا ان ما اثار الدهشة فى الآونة الاخيرة وبعد توقيع شركة موانى دبى العالمية اتفاقية شراكة تجارية مع جمهورية ارض الصومالية التى انسحبت عن وحدتها مع الصومال فى عام ١٩٩١ وتدير شؤون بلادها بنفسها منذ ذلك الحين والتى لا تخضع لهيمنة الحكومة المركزية فى مقديشو التى لا تحكم سوى بعض الامتار ناهيك عن الأقاليم الاخرى فى الجنوب قبل التطاول على جمهورية ارض الصومال والتى تعتبر متكاملة الأركان على مستوى معايير مواصفات مسمى دولة فى قاموس السياسة والدول.
فمجرد سماع ونشر الاتفاقية بين شركة دبى العالمية وطرفى الشراكة من جمهورية ارض الصومال وإثيوبيا حتى قامت حكومة مقديشو القعيدة بشن حملة عدائية ضد الامارات ومصالحها بدءا بتصريحات من راس الهرم المتمثل بالرئيس ونائبه وما قاموا به من تاجيج راى العام الصومالى ضد الامارات داخليا وخارجيا والإعلان عن مظاهرات مناهضة ضد وجود الامارات فى الصومال ونقض تلك الاتفاقية امام سفارات الامارات فى الدول الغربية، ورفع دعاوى ضد الامارات فى المحافل الدوليةبدءا بجامعة الدول العربية وانتهاء بالأمم المتحدة .وبالفعل قام بعض الصوماليين بمظاهرة فى الولايات المتحدة وان كانت ضئيلة الحجم. وهناك أخريات مخططة فى أوروبا.
فهذا التأليب ألشعبى ضد الامارات يتناقض وروح الاخوة بين الشقيقين والدور الذى لعبت به الامارات فى احلك ساعات الصومال بوسا وفاقة.
ان هذا العداء السافر والذى يدار من الجهات الرسمية ما هو الا تعبير رسمى عن النهج الذى اتخذته الحكومة المركزية الضعيفة فى سياستها الدولية بعد ان سلمت مفاصل الدولة ومداخلها الى تركيا ورديفها قطر التى تدير شؤون الدولة من وراء الستار بعد ان أقامت تركيااكبر قاعدة عسكرية لها فى افريقيا وأعطيت إدارة الميناء والمطار فى مقديشو الى جانب إعطاءها يد الحر فى استغلال موارد هذا البلد وثرواته وتصديرها الى تركيا.
وما كانت تقوم محطة الجزيرة موخرا من نشر تقارير ولقاءات متعددة فى بث الشائعات حول هذه الاتفاقية خاصة ومصالح الامارات فى ارض الصومال عامة وبمباركة روساء مقديشو لخير شاهد فى هذا التحالف ضد الامارات والنهج الذى اختارته حكومة مقديشو لنفسها، وان دولة الامارات لتعيد حساباتها مع مقديشو وكيف ستتعامل بشكل مغاير تماما مع حكومة ارض الصومال والمحافظة على مصالحها فى تلك المنطقة
يوسف عثمان
لندن